وسط زحمة الأخبار القضائية والإعلامية، مرّ هذا القرار بهدوء، لكنه يحمل تأثيرًا كبيرًا على مستقبل صناديق العملات الرقمية. هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) وافقت رسميًا على اعتماد آلية "In-Kind" لإنشاء واسترداد وحدات صناديق الكريبتو المتداولة في البورصة.
قد يبدو الاسم تقنيًا ومعقدًا، لكنه يعني شيئًا بسيطًا جدًا: صناديق ETF أصبحت أكثر كفاءة، أسرع، وأقل تكلفة... وهذه بداية زلزال جديد في الأسواق.
ما هي آلية "In-Kind" ولماذا تُغيّر قواعد اللعبة؟
في السابق، كانت صناديق ETF الخاصة بالبتكوين أو الإيثيريوم في أميركا تعتمد على نموذج النقد. أي أنه عند قيام مستثمر ببيع وحدته، كانت الشركة المصدّرة تضطر لبيع الأصول الرقمية وتحويلها إلى الدولار لتسديد القيمة. هذه العملية لم تكن فقط مكلفة ومعقّدة، بل كانت تُضيف ضغطًا على السوق كلما زادت عمليات الاسترداد.
أما اليوم، فقد تغير المشهد. بموجب آلية "In-Kind"، يمكن تسليم البتكوين أو الإيثيريوم مباشرة، دون المرور بالدولار. ما يعني تقليل كبير في التكاليف، اختصار في الزمن، وتجنّب الحركات المفاجئة في الأسعار. بكلمات أخرى، وداعًا للتقلبات الناتجة عن عمليات البيع والشراء الجماعية داخل صناديق ETF.
اقرأ المزيد: إيثيريوم يشعل السباق المؤسسي… وبتكوين يتماسك أمام صفقة الـ 9 مليارات!
من يقف وراء هذا التحول؟
التحول لم يأتِ من فراغ، بل يحمل بصمة الرئيس الجديد للهيئة، بول أتكينز (Paul Atkins). أعلن أتكينز الخبر في منشور عبر منصة X بتاريخ 30 يوليو، قائلًا:
"اليوم هو بداية جديدة في الهيئة. هدفنا هو صياغة إطار تنظيمي يناسب أصول الكريبتو، ويخلق سوقًا أكثر ديناميكية وكفاءة لصالح المستثمرين الأميركيين."
هذه العبارة تختصر نية واضحة: لم تعد الهيئة تريد مقاومة سوق الكريبتو، بل ترغب في تنظيمه بذكاء، ودفعه نحو النضج المؤسسي.
اقرأ المزيد: جنون البحث عن العملات المستقرة: صعودٌ صاروخي أم بداية لانفجار نقدي رقمي؟
هل نشهد انفجارًا وشيكًا في تدفقات صناديق الكريبتو؟
ما يُثير الحماس هنا، هو التوقيت. يأتي القرار في وقت تستعد فيه صناديق جديدة لإدراج نفسها في السوق، ومعه قد نرى موجة جديدة من التدفقات نحو صناديق البتكوين والإيثيريوم.
المؤسسات لطالما اشتكت من "ثقل النموذج النقدي"، والآن، وقد تم التخلص منه، تصبح الطريق ممهدة أمام دخول أكثر سلاسة.
اقرأ المزيد: البتكوين تُضطهد في فرنسا .. اللوم ليس على اليسار أو اليمين... بل على "الماكرونية"!
بل إن هذا التغيير يؤشر إلى شيء أعمق: هيئة SEC لم تكتفِ بالموافقة على صناديق ETF، بل بدأت في تحسين أدائها وتنظيم آلياتها التشغيلية. ما قد يُمهّد لمزيد من القرارات الداعمة لسوق العملات الرقمية في الولايات المتحدة خلال الشهور القادمة.